fbpx

أول حركة احتجاجية بإفريقية (تونس) سنة 122هـ

ثورة البربر بإفريقية سنة 122 هـ

لقد تميزت تونس وشمال إفريقيا بالهدوء والوئام بين العرب الفاتحين وبين البرابرة السكان الأصليين، وأقبل المسلمون الجدد على الإسلام وتعاليمه بشغف لا مثيل له، وانضموا إلى الجيش وحدثت بين العرب والبربر مصاهرات، فعظم البناء وتعددت الكتاتيب وعمّرت البلاد بسرعة متناهية، فكان أعدل الولاة هو محمد بن يزيد القرشي الذي ولي من قبل سليمان بن عبد الملك سنة 96 هـ وكذا من بعده إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي ولاه عمر بن عبد العزيز سنة 100 هـ.

إلى أن جاء يزيد بن أبي مسلم الثقفي سنة 101 هـ بعد وفاة الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز، فظلم الناس وأراد التمييز بين البربر والعرب فنقموا عليه واتفق حرسه من البربر على قتله فقتلوه، وجاء من بعده بشر بن صفوان الكلبي سنة 104 هـ ثم عبيدة بن عبد الرحمن السلمي سنة 110 هـ حتى جاء عبيد الله بن الحبحاب السلولي فأتم بناء جامع الزيتونة ودار الصناعة وغزا صقلية وجنوب الصحراء، إلا أنه استجاب لمطامع حكام بني أمية بدمشق ليرسل لهم النساء البربريات حتى تعسف على البربر فظلمهم وتعدى على أموالهم، فاشتد استياء البربر المسلمين واستقبحوا هذه الأفعال بعد أن استوعبوا تعاليم الإسلام وأخلاقياته.

فأرسلوا وفدا إلى الخليفة ليشتكوا إليه فصل الطبري في كتابه أحداث هذه المحاولة للصلح ولكنهم لم يجدوا آذانا صاغية في دمشق، فعادوا إلى بلادهم وقتلوا عامل هشام بن عبد الملك على القيروان، فكانت أول ثورة في الإسلام في إفريقية سنة 122 هـ، ومن ثم اندلعت ثورات بإفريقية لا نهاية لها دامت 34 سنة تزعمها الخوارج والأباظية والصفرية، واستولوا خلالها على القيروان مرتين فحكموا البلاد وسفكوا الدماء، حتى جاء يزيد بن حاتم المهلبي سنة 155 هـ فقضى عليهم واستتب ولاء القيروان للعباسيين.

وفي سنة 184 هـ كلف الخليفة العباسي هارون الرشيد إبراهيم بن الأغلب بن سالم التميمي، والذي كان يتمتع بشجاعة نادرة، كلفه بإدارة دولته ضمن استقلال شبه ذاتي مع التبعية للخليفة، فحكم دولته بالعدل وازدهر عصره في مجال العمران، وفسقية الأغالبة بالقيروان تشهد لهم بهذه الحضارة إلى يوم الناس هذا.

وفي سنة 194 هـ ثار أحد قواد جند إبراهيم بن الأغلب ووزيره فاستلا على القيروان سنة كاملة، ثم ثار عليه كبير قادته سنة 209 هـ ولكن إبراهيم بن الأغلب استرجعها منهم في كل مرة ولم تقم عليه ثورات ذات بال حتى أواخر أمراء الأغالبة في سنة 296 هـ، ففتحوا السواحل بأسطولهم البحري الضخم ووصلوا إلى جنوب إيطاليا وصقلية وسردينيا وكورسيكا ومالطة، وبلغت سطوتهم مبلغاً كانت فيه كل الدول المسيحية على ساحل إيطالية تدفع لهم الجزية.

المهدي بن حميدة

المهدي بن حميدة

العمر 55 سنة - متزوج وأب لثلاثة أطفال (بنتان وولد) - مقيم بسويسرا منذ 9 ماي 1992.
كاتب ومتابع للشأن السياسي والعربي والإسلامي - مدير شركة خاصة في الطباعة والتصميم والتوزيع.

أظهر كل المقالات