يعود تأسيس أقدم جمعية كشفية تونسية إلى سنة 1933، وهي الكشاف المسلم التونسي، وقد وقع الاعتراف بها بتاريخ 5 مارس 1934. وأول فوج للكشافة بالمعمورة تأسس في منتصف الأربعينات من القرن العشرين رأسه المرحوم الحبيب الزياني، حيث قام الفوج بعدة مخيمات جهوية ومحلية ثم تعاقب على قيادته كل من المنصف الزميتي والشاذلي مسعود وعلي بن سالم، حتى تقلص نشاطه ثم انعدم نهائيا بدخول تونس مرحلة بناء الدولة في وسط الخمسينيات.
واستمرت المعمورة بدون فوج للكشافة إلى سنة 1983 وفي إطار نشاطات المجتمع المدني قرر ثلّة من شباب البلدة إنشاء فوج للكشافة وحدث ذلك في غضون أشهر إذ مع مطلع سنة 1984 كان الفوج في أتم الاستعداد للنشاط والانطلاق في المخيمات وكان مقر الفوج بيتا بالطابق العلوي للولي الصالح بن داود، وترأس الفوج الأخ لطفي بن سليمان المتحصّل لتوّه على درجة التمهيدية ثم فيما بعد تحصل على الشارة الخشبية، وكان محمد ابن المرحوم رشيد الزياني كاتبا عاما وفتحي بعطوط أمينا للمال.
انخرطتُ بدوري مع أغلب رواد المسجد في الفوج ضمن فريق الجوالة حيث نظم هذا الأخير مخيمات في كل من غابة السّنوْبر بجهة جبرون وشاطئ “داروفة” وآخر بمركز الرمال بمنزل جميل وآخر بقليبية على شاطئ المنصورة وشارك الفوج في دورات كشفية أهمها الدورات الابتدائية والتمهيدية للكشافة التونسية، وتعلمت من الكشافة الجندية والصبر على الجوع وشظف العيش وتحمل البرد والنوم على الأرض ومصارعة الخوف ومواجهة المخاطر واقتحام العقبات وزادت ثقافتي العامة بالمباريات الثقافية وحصلت على درجة التمهيدية للكشاف التونسي.
نشط الفوج لمدة سنتين وبعدها انحل في أواخر سنة 1985 بقرار من المعتمدية يعود لأسباب مباشرة تمثّلت في تجنيد رئيس الفوج في أكتوبر 1984 إلى صحراء رجيم معتوق بالجنوب التونسي ضمن سلسلة عقوبات سياسية سلّطت على الطلبة وكان الأخ لطفي بن سليمان من ضمن المجنّدين، ولأسباب غير مباشرة تمثّلت في سياسة التضييق على الإسلاميين ومحاصرة موجة التديّن التي عمت كامل أرجاء البلاد والتي أصبح من غير الممكن التّحكّم فيها.