fbpx

العلاقات التركية الليبية منذ 1510 م وحتى الوقت الحاضر

  • علي الصّلاّبي الكاتب: علي الصّلاّبي
  • الخميس 12 شوال 1441 الموافق لـ 4 يونيو 2020
  • 0
  • 717 مشاهدة
العلاقات الليبية التركية

اقتضت الحكمة الإلهية أنْ يحدث تزاحم في الأفكار وتضارب في المصالح وتنافس في مجالات الحياة وتداول للدول وتعاقب للأحداث الإنسانية، وهذا التقدير الإلهي عاشته البلاد الليبية في علاقاتها التاريخية بالأمم والشعوب الأخرى، ولعل أطول علاقة شهدتها هي علاقتها المتواصلة بالترك -قديماً وحديثاً -على أساس من مدافعة الباطل وحفظ الحق وحماية أهله.  

  لقد دخلت البلاد الليبية بعد مرحلة الفتح الإسلامي في عام 643م في حكم دولة الخلافة الراشدة، ثم تبعت للدولة الأموية ثم التحقت بالدولة العباسية. وبشكل عام، فقد تعاقبت على حكم ليبيا عدة دول إسلامية بعضها تأسس في شمال إفريقيا واستقل عن حكم المشرق ومركز الخلافة، فأصبح المجال الليبي ميداناً للصراع بين الأسر المحلية ومختلف العناصر القبلية التي تسعى للنفوذ على الأرض، وتبعت في غربها للفاطميين ثم لدولة صنهاجة ثم لدولة الموحدين ثم الحفصيين، بينما بقيت برقة تحت سيادة الدول التي حكمت مصر حتى مجيء العثمانيين.

  وفي عام 1510م، هاجم الأسطول الإسباني مدينة طرابلس واحتلها على الرغم من المقاومة الشديدة التي أبداها الأهالي، وبالرغم من سقوطها إلا أن حركة المقاومة الشعبية استمرت، وقد ضرب المقاومون حصاراً حول طرابلس، مما اضطر الإسبان فيما بعد لتسليمها إلى فرسان القديس يوحنا الصليبيين (فرسان مالطا) عام 1530م. وقد استنجد الأهالي المقاومون بالسلطنة العثمانية لإنقاذ بلادهم وتحريرها، ومن تلك اللحظة دخلت ليبيا طوراً جديداً في تاريخها، حين بدأت العلاقة المباشرة بين الأتراك والليبيين، والتي سنتحدث عنها عبر مراحل تاريخية من بداية استنجاد أهالي ليبيا بالدولة العثمانية وحتى وقتنا الحاضر. 

ويخلص الدكتور علي الصلابي في هذه الدراسة التي تناولت محطات وتطورات العلاقة بين الشعبين التركي والليبي، واستقراء الأحداث والمواقف التي شكلت روابط جامعة في العلاقة بينهما، للنتائج التالية:

1. التدخل التركي العثماني في ليبيا في منتصف القرن السادس عشر، كان تدخلاً بهدف الإنقاذ والتحرير وجهاد الغزاة الصليبيين، وليس بهدف الاستعمار أو طمع بضم ليبيا، فهو جاء تلبية لمطالب أهالي وسكان ليبيا والذين مثَّلهم وفد تاجوراء، كما أثبتنا ذلك تاريخياً، فالتدخل العثماني جاء على شكل نجدة بغطاء شرعي ممثل بدعوة الشعب الليبي له. 

2. الدخول التركي العثماني جاء في لحظة حرجة وخطيرة، تمثلت بالخطر الصليبي المحدق بالسواحل الإفريقية والليبية، مع انعدام للاستقرار الداخلي في البلاد، وعدم وجود كيان سياسي موحد ومركزي يواجه الغزاة الصليبين.

3. لعب الأتراك العثمانيون دوراً مهماً في الدفاع عن بلاد المغرب العربي، ومنها ليبيا، وحافظوا على السيادة الإسلامية فيها، وقاموا بتأخير احتلال القوى الأوروبية لليبيا أكثر من ثلاثة قرون. 

4. شكلت ليبيا في عهد العثمانيين ولأول مرة في تاريخها، كياناً سياسياً مستقلاً عن مصر شرقاً، وعن تونس والجزائر غرباً، وأصبح لها قوتها العسكرية والاقتصادية الخاصة بها، وقد ظهر هذا جلياً خلال العهد القرمانللي.

5. ساهم الأتراك العثمانيون وخصوصاً في العهد العثماني الثاني، بوضع الأسس للدولة الحديثة في ليبيا، من خلال إدخالهم لمجموعة من القوانين العثمانية الحديثة والمعروفة بالتنظيمات، إلى النظم الإدارية والقانونية في ولاية طرابلس، كما لعبوا دوراً هاماً في بناء قطاع تعليمي على الطراز الحديث، كما شهد عصرهم نهضة في مجالات العمران والتجارة وغيرها.

6. شهدت العلاقة بين تركيا وليبيا فتوراً بعد انهيار الدولة العثمانية، إلا أنه سرعان ما عادت إلى مجراها الطبيعي، بل استمرت في تطور إيجابي متصاعد بعد مرحلة الاستقلال الوطني في النصف الثاني من القرن العشرين.

7. مع بداية ثورة فبراير في ليبيا، اتخذت تركيا موقفاً إيجابياً، لكنها وبعد تمرد قوات الكرامة بقيادة الجنرال خليفة حفتر ومحاولته السيطرة على طرابلس، اتخذت موقفاً سياسياً واضحاً بتأييد ودعم حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة، وأنها لا تعترف إلا بالمجلس الرئاسي في طرابلس، وذلك انسجاماً مع القرارات الأممية الخاصة بليبيا لتوفير الأمن والاستقرار والسلام والمصالحة بين الليبيين.

د. علي محمد الصلابي
مارس 2020

تحميل الدراسة (PDF) 40 صفحة

علي الصّلاّبي

علي الصّلاّبي

علي محمد محمد الصلابي (مواليد 1963، بنغازي بليبيا)، فقيه، وكاتب، ومؤرخ، ومحلل سياسي ليبي. له العديد من المؤلفات. شارك بلجنة المراجعة التاريخية وتدقيق النص بمسلسل عمر.

- ولد الدكتور علي محمد الصلابي في مدينة بنغازي بليبيا عام 1383 هـ/ 1963م

- عضو الأمانة العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

- نال درجة الإجازة العالمية (الليسانس) من كلية الدعوة وأصول الدين من جامعة المدينة المنورة عام 1993م.

- حصل على درجة الماجستير من كلية أصول الدين في جامعة أم درمان الإسلامية عام 1996م وذلك في مؤلفه الوسطية في القرآن الكريم.

- نال درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية بمؤلفه فقه التمكين في القرآن الكريم من جامعة أم درمان الإسلامية بالسودان عام 1999م.

- تتلمذ واستفاد في مسيرته العلمية من مجموعة من العلماء مثل الشيخ القرضاوي والشيخ أكرم ضياء العمري والدكتور ياسين الخطيب وسلمان العودة وياسين عبد العزيز ومحمد بحيري ومبارك أحمد رحمة، والدكتور أحمد محمد جيلي والشيخ راشد الغنوشي والشيخ محمد الحراثي وغيرهم من العلماء.

- اهتم الدكتور علي الصلابي من بداية تكوينه العلمي بتفسير القرآن الكريم والتاريخ الإسلامي وفقه السنن وقوانين الحضارات.

- اشتهر بمؤلفاته واهتماماته في علوم القرآن الكريم والفقه والتاريخ والفكر الإسلامي.

- شارك بلجنة المراجعة التاريخية وتدقيق نصوص تاريخية في أعمال درامية مثل مسلسل عمر بن الخطاب وأبي جعفر المنصور والإمام الحسن وغيرها.

- قام بمبادرات سياسية وطنية في ليبيا، واهتم بمشروع المصالحة الوطنية، وكتب فيها كتاب العدالة والمصالحة الوطنية؛ ضرورة دينية وإنسانية.

- شارك في مشروع ليبيا الغد (الوطني الإصلاحي) بين عامي 2005 و2011.

- تدخل في إخراج السجناء السياسيين عبر مفاوضات مع النظام من خلال سيف الإسلام القذافي. وأشرف على الحوارات الفكرية التي توجت بخروج كتاب دراسات تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس.

- انشغل الدكتور الصلابي في وضع مؤلفاته خلال سنوات دراسته وتحصيله العلمي في السودان واليمن والسعودية وقَطر.

- انحاز إلى مطالب شعبه العادلة وثورات الشعوب ضد أنظمة الاستبداد والدكتاتورية، ومطالب الشعوب في حقها بالحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان وحقهم في اختيار حكوماتهم ورؤسائهم عبر صناديق الاقتراع والدعوة إلى بناء دولة الدستور والقانون وحقوق الإنسان.

- زادت مؤلفات الدكتور الصلابي عن ستين مؤلفًا وفي قائمتها:

السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث

سير الخلفاء الراشدين

الدولة الحديثة المسلمة

الدولة العثمانية عوامل النهوض والسقوط

فاتح القسطنطينية السلطان محمد الفاتح.

الدولة الزنكية

عقيدة المسلمين في صفات رب العالمين.

وسطية القرآن الكريم في العقائد.

صفحات مشرقة من التاريخ الإسلامي.

الانشراح ورفع الضيق بسيرة أبي بكر الصديق شخصيته وعصره.

فصل الخطاب في سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.

تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان.

أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.

الجمهورية الطرابلسية .. أول جمهورية في تاريخ المسلمين المعاصر.

الإباضية مدرسة إسلامية بعيدة عن الخوارج .

وعشرات المؤلفات الأخرى في التاريخ والفكر والسياسية والعقيدة الإيمانية.

أظهر كل المقالات