fbpx

جمعية المحافظة على القرآن الكريم

  • المهدي بن حميدة الكاتب: المهدي بن حميدة
  • الجمعة 5 جمادى الأولى 1440 الموافق لـ 11 يناير 2019
  • 0
  • 1973 مشاهدة
جامع التوبة بالمعمورة

بعد أن أُغلق جامع الزيتونة عبر مراحل كان آخرها سنة 1965، أنشأ بورقيبة سنة 1968 “جمعية المحافظة على القرآن الكريم”، وكان لهذه الجمعية فروعا في كامل تراب البلاد التونسية، وكان للمعمورة منها نصيب حيث أنشئ فرع للجمعية وكان قد فعّله ونشّطه الأستاذ محمد بن قويدر رحمه الله من سنة 1982 إلى 1984.

كان لهذه الفترة تأثير كبير على إنعاش الفضاء الديني والقرآني بالبلدة، حيث أحي تدريس القرآن الكريم بالكتّاب من جديد وصار بطرق عصريّة مع انتداب محمد الكيلاني مؤدِّبا لتحفيظ القرآن للكبار والصغار ذكورا وإناثا، ونشطت الجمعية نشاطا غير مسبوق ونجحت في استقطاب عدد كبير من الأطفال والشبان والشابات، وأقيمت الاحتفالات الرمضانية والمسابقات القرآنية والجوائز والدروس والمحاضرات وصار نهج الجامع القديم والدكّان المقابل له (وهو المقرّ القديم للجمعية) و”الزاوية” حيث تقام المحاضرات والمعارض نقطة إشعاع بالبلدة والمحطة المركزية للنشاط الجمعياتي.

جامع التوبة بمحرابه القديم ومكبرات صوت مئذنته القصيرة صار الوجهة الأولى لعديد الشباب الذين كانوا منذ وقت قصير من الشباب “الضائع” والمنبهر بمظاهر “التغريب”، حيث وصلت المعمورة بوجود ذلك النزل في قرية صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها الـ 4 آلاف آنذاك حدا من التغريب ومظاهر التسيّب الغير معتادة، ولكنها مخفية ومحصورة في فئة معينة من الشباب، وبفضل نشاط جمعية المحافظة على القرآن الكريم صار الاستقطاب الثقافي للبلدة ثنائيا ومقسّما بين المسجد (الجهة الغربية للبلدة) والنزل السياحي او البحر (الجهة الشرقية) يتوسّطهما “المراح” وسط البلدة الذي يجمع الجميع في سهرات الليل الرمضانية في تلك الفترة.

كما لا يمكنني أن أنسى تلك السهرة من سنة 1983، إذ عرض فيلم “الرسالة” في مقهى البلدة وأغلبية رواد المقهى شباب، خرجنا جميعا بعد انتهاء الفيلم وكأنما على رؤوسنا الطير، لم ينطق أحد بكلمة، الجميع عاد إلى بيته مطرق الرأس يفكر في ذهول، لم أر شباب البلدة على تلك الصدمة مثل ما رأيته بعد أن تفرجنا على ذلك الفيلم، كانت لي أيضا صدمة على كل المستويات، وانا أسأل نفسي أهذا هو الإسلام؟ أهذا محمد؟ أهذه هي الرسالة، رسالة الإسلام؟ لم أكن أتصور أن الموضوع بتلك الخطورة وعلى تلك الدرجة من الجدية ونحن الشباب المتمركز حول شهواته وملذاته وانشغالاته بسفاسف الأمور، أحسست كما أحسّ غيري بالضياع والتّيه وبدأت أسئلة الهويّة تتعاقب على ذهني بالليل والنهار.

بقيت حتى خريف سنة 1884 وانا وسط ذلك الشباب، شباب القرية، لا تسمع منهم سوى آخر أغنية لمايكل جاكسون أو آخر تسجيل لفرقة Money M… أسماء لأغاني ومغنين غربيين لا أفهم شيئا من ذلك كله سوى بعض التعلق بتلك الأجواء، أجواء الحديث حول هذه المواضيع، ولكني كنت غير مقتنع بشيء من ذلك كله، كلها متناقضات من حولي ولا شيء من ذلك كله مفهوما.

المهدي بن حميدة

المهدي بن حميدة

العمر 55 سنة - متزوج وأب لثلاثة أطفال (بنتان وولد) - مقيم بسويسرا منذ 9 ماي 1992.
كاتب ومتابع للشأن السياسي والعربي والإسلامي - مدير شركة خاصة في الطباعة والتصميم والتوزيع.

أظهر كل المقالات