في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات ومع دخول الإسلاميين في تونس إلى الجامعة واختلاطهم بتيارات أيديولوجية مغايرة كالشيوعيين والقوميين من جهة، وقيام الثورة الإيرانية كظاهرة سياسية واجتماعية ضمن إطار الفكر الإسلامي من جهة أخرى، حصلت لدى الإسلاميين نقلة نوعية في الأداء السياسي بخوضهم حلبة الصراع الفكري والأيديولوجي في الجامعة وعلى مستوى النخبة في البلاد، وبرغم تشكيل حركة الاتجاه الإسلامي لحزب سياسي تقدم بطلب ترخيص للعمل القانوني في 6 جوان 1981، بقي أداء الحركة الإسلامية (خارج الجامعة بالخصوص) أداء دعويا إصلاحيا بمفهومه الديني المحض إذ كانت المنابر الوحيدة (تقريبا) لممارسة الحركة نشاطها هو المسجد.
وجاء في البيان التأسيسي لحركة الاتجاه الإسلامي ما نصه ” في هذا المناخ ظهر الاتجاه الإسلامي بتونس في بداية السبعينات بعد أن توفرت له كل أسباب الوجود، وتأكدت ضرورته، وقد ساهم هذا الاتجاه من مواقعه في إعادة الاعتبار للإسلام فكرا وثقافة وسلوكا، وإعادة الاعتبار للمسجد، كما ساهم في تنشيط الحياة الثقافية والسياسية فأدخل عليها لأول مرّة نفساً جديداً في اتجاه تأصيل الهوية والوعي بالمصلحة وتأكيد التعدد بتجسيمه واقعياً.”
وكانت حركة الاتجاه الإسلامي تتوخى أسلوب البيعة للفكرة العامة للحركة، حيث يبايع العضو في الحركة رئيسَ الحركة على النُّصرة في المنشط والمكره، والفكرة التي يبايع عليها العضو لا ترتبط ببرنامج سياسي أو أداء فئة قيادية معينة، وإنما هي بيعة على الانتماء لرسالة الإسلام بمفهومه السياسي الحركي (وليس العقدي) بعد اقتناع بأن خط ومنهج الحركة هو خط الإسلام (العقيدة) الوسطي الصحيح الذي حرصت الأمة على بقائه منذ بداية الرسالة المحمدية إلى يومنا هذا وهو ما اصطلح عليه عند الفقهاء “بالجمهور” أو “السلف الصالح” أو “الصراط المستقيم” في التعبير القرآني، وهو أمر مختلف عن الخط السياسي للحزب.
وينبغي على العضو أن يكون متمسكا بثوابت دينه كالصلاة والصيام والأخلاق الفاضلة والابتعاد عن الرذائل، إذ من المحال أن تجد في الحركة من يدخن سجائر أو يكذب أو يفرط في الصلاة.