fbpx

مصارف الزكاة بلغة العصر

مصارف زكاة المال

قبل الحديث عن مصارف الزكاة، لابد من التفريق بين الزكاة المفروضة (التي فصلها القرآن وكتب الفقه) وبين أموال الصدقة التي تؤدى اختيارا، فمصارف الزكاة الثمانية التي فرضها الله على كل من دخل في دين الدولة (فِي دِينِ الْمَلِكِ – سورة يوسف 76) أي قانون ودستور الدولة، والتي ذكرها القرآن في قوله تعالى: “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” [التوبة:60] هي بلغة عصرنا كما سيأتي الاجتهاد فيه:

1- الفقراء: هم الذين اضطرتهم الحاجة، وتحدد الدولة سقف الحاجة لديهم، بلغة العصر هي منح البطالة ومن لا تكفيهم مرتباتهم على القيام بشؤونهم الحياتية (أصحاب الدخل الضعيف)
2- المساكين: هي خدمات الشؤون الاجتماعية ومن ليس لديهم دخل قار (les services sociaux) والذين لا أمل لهم في الشغل ممن لديهم أمراض مزمنة وأصحاب الإعاقات.
3- العاملين عليها: وهم الموظفون لدى الدولة (les fonctionnaires de l’Etat) بما فيهم الوزراء والبرلمانيون ورئيس الدولة
4- المؤلفة قلوبهم: وهم اللاجئون وطالبي اللجوء وكل من قصد الدولة وطلب مساعدتها وحمايتها.
5- في الرقاب: والمقصود به تحرير الرقاب (العبيد) أي كل ما يحرر الناس ويجعلهم أحرارا، وبما أن الرق قد انتهى فيصرف هذا القسم من الزكاة في الإعلام العمومي والخاص وأجهزة الاستخبارات والأحزاب السياسية والجمعيات وكل من يدخل في صنف تحرير الناس وتوعيتهم
6- الغارمون: وهم المدينون العاجزون عن سداد ديونهم، وفي لغة العصر هي ديون الدولة والشركات العامة والخاصة وديون الأفراد أحياء أو أمواتا.
7- في سبيل الله: وهي قطاعات التعليم والبحث العلمي والدفاع والمعدات العسكرية والحربية وتجهيز الطرقات وغيرها من البنية التحتية للدولة من مطارات وثكنات عسكرية وشبكة طرقات ومياه وغيرها
8- ابن السبيل: وهو المسافر المجتاز الذي قد فرغت نفقته، فيعطى ما يوصله إلى بلده (العالقون).

ولا نجد في هذه الأبواب الثمانية ما يشير إلى بناء وتعمير بيوت الله مثلا بل يدخل ذلك في مال الصدقة والهدية، فقد روى الإمام أحمد من حديث مَيْمُونَةَ، مَوْلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: أَرْضُ الْمَنْشَرِ، وَالْمَحْشَرِ، ائتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، قَالَتْ: أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يُطِقْ أَنْ يَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ، أَوْ يَأْتِيَهُ قَالَ: فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ، فَإِنَّ مَنْ أَهْدَى لَهُ كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِيه. ورواه ابن ماجه، والطبراني في الكبير.

يُفهم من هذا الحديث ان أموال بيوت الله تكون من الصدقة والهدايا والعطايا (عن طريق الجمعيات والمؤسسات الخيرية) ولا تكون من أموال الزكاة المفروضة، لأنه يوجد في الدولة من هو من المسلمين ومن هو من غير المسلمين، وعلى كل ديانة أن تتكفل ببناء بيوتها من أموال محبيها ومعتنقيها.

هذا اجتهادي والله أعلم

المهدي بن حميدة
في 19 ماي 2020

المهدي بن حميدة

المهدي بن حميدة

العمر 55 سنة - متزوج وأب لثلاثة أطفال (بنتان وولد) - مقيم بسويسرا منذ 9 ماي 1992.
كاتب ومتابع للشأن السياسي والعربي والإسلامي - مدير شركة خاصة في الطباعة والتصميم والتوزيع.

أظهر كل المقالات