من 1881 حتى 1920، لقد استغرق الأمر قرابة 40 سنة لكي يُفجّر كتاب “تونس الشهيدة” لعبد العزيز الثعالبي ورفاقه حقيقة صادمة (بالأرقام والإحصائيات) حول اعتداءات فرنسا على تونس والتونسيين.
ومنذ ذلك التاريخ (15 جوان 1920) وقع تحول عميق لدى النخبة التونسية (في الفكر والممارسة) التي بدأت تعي بحقيقة الاستعمار الذي سمي زورا وحاول أن يتغطى بغطاء “نظام الحماية” بحسب المعاهدة التي أمضتها فرنسا مع الباي في 12 ماي 1881.
لم يكن الأمر سهلا منذ الوهلة الأولى، إذ في السنوات الأولى سلّمت النخب التونسية (جلها) بالمستعمر الفرنسي لأن كذبة كبيرة حاولت فرنسا تمريرها تحت لافتات براقة وشعارات كاذبة. ومن خلال إصدار كتاب “تونس الشهيدة” انطلقت شرارة تأسيس الحزب الحر الدستوري على أساس المقاومة المسلحة للمطالبة ببرلمان تونسي ثم مطلب التحرير.
قيس سعيد، بتصريحه على قناة فرنسية يوم الثلاثاء 23 جوان 2020، مخاطبا الفرنسيين والتونسيين باللغة الفرنسية وعلى أرض فرنسا، قد نسف مرحلة كاملة من تاريخ الحركة الوطنية ليعود بنا إلى ما قبل 15 جوان 1920، يعني أرجعنا 100 سنة إلى الوراء لنعود إلى كذبة “نظام الحماية” وهو بالتالي قد اعتدى على الذاكرة الوطنية واعتدى على تاريخ نضالي مقاوم للأجيال والزعماء والمقاومين الذين سبقونا.
المهدي بن حميدة
في 25 جوان 2020