fbpx

كتاب جديد عن الانتقال إلى الديموقراطية

  • علي الدين هلال الكاتب: علي الدين هلال
  • السبت 21 جمادى الآخرة 1441 الموافق لـ 15 فبراير 2020
  • 0
  • 1904 مشاهدة

لماذا هذا الكتاب؟

وما الذي يمكن أن يضيفه إلى عشرات الكتب التي صدرت في هذا الموضوع؟ لا بد أن نبدأ من هذين السؤالين حتى يمكن تبرير كتابته من جانب المؤلف والاطلاع عليه من جانب القارئ.

الجديد أولا – فيما أعتقد – أنه كتاب موضوعه الخبرات الدولية للانتقال الديموقراطي، ولكن هدفه فهم العوامل التي أدت إلى تعثر الانتقال إلى الديموقراطية في العالم العربي.

ولا يمكن إدراك ذلك إلا بالمقارنة وتحليل تجارب التطور الديموقراطي في دول ومجتمعات مختلفة.

وما أشد احتياجنا إلى هذه النظرة المقارنة بدلا من الاستمرار في إنهاك عقولنا وتفكيرنا في البحث عن «خصوصيات عربية» لا سند لها في الحقيقة إذا ما عرفنا ما حدث في الدول الأخرى.

والجديد ثانيا أن الكتاب يتساءل عن ماهية تلك «الديموقراطية» التي ننتقل إليها، وهل هي – كما يهلل الباحثون الغربيون لها – مجموعة من المؤسسات والإجراءات المتعلقة بطريقة الوصول إلى الحكم وتداول السلطة من يد إلى أخرى، وهو ما يسمى بالديموقراطية الإجرائية؟ أو إنها هي النظام الذي يؤدي إلى تبني الحكومات مجموعة من السياسات العامة التي توفر فرص الحياة المتساوية لأكبر عدد من المواطنين، وتحقق العدالة الاجتماعية بين الأفراد والجماعات والطبقات والمناطق، وهو ما يسمى مضمون الديموقراطية أو الديموقراطية الغائية؟ بعبارة أخرى: هل الديموقراطية هي مجموعة إجراءات تتصل بطريقة الوصول إلى السلطة وتداولها فقط، أو إنها تتعلق أيضا بجودة أداء نظام الحكم وقدرته على حل المشاكل التي يواجهها المجتمع وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين، أي أداء النظام وجودة الحكم؟ إن أهمية موضوع الديموقراطية تنبع من أنها تتناول قضايا حيوية تشمل طبيعة العلاقات بين الحاكمين والمحكومين، وأساس الطاعة السياسية أو الالتزام السياسي، والتوازن الضروري والمطلوب بين الحرية والسلطة، وبين الحق والواجب، والعلاقة بين الدولة والقوى الاجتماعية، ومدى تعبير الأولى – باعتبارها شكلا مؤسسيا وقانونيا – عن المجتمع.

باختصار، إن البحث في موضوع الديموقراطية هو بحث في الشرعية: شرعية الدولة وشرعية النظم السياسية والاجتماعية. والجديد ثالثا أن هذا الكتاب يصدر بعد ما يزيد على ربع قرن من ثورات نت العملية السياسية الكبرى التي أدت إلى سقوط َّدول شرق أوروبا التي دش ميت الثورة ُعشرات النظم السلطوية وإقامة نظم ديموقراطية بديلة، والتي س

المقدمة الديموقراطية العالمية، والتي تردد صداها وانتقلت تأثيراتها في كل أنحاء المعمورة. ففي كل مكان من قارات العالم ازدادت المطالبة بتحقيق المشاركة والكرامة والمساواة والعدالة، وهي القيم الأثيرة لدى فلاسفة الديموقراطية. ولم تقتصر هذه المطالبات على المجتمعات التي خضعت لنظم سلطوية، بل امتدت إلى قلب عواصم دول الديموقراطيات المستقرة ومدنها الكبرى، Occupy Wall، وتحت تأثير شعار «احتلوا وول ستريت» 2011ففي أكتوبر دولة، رفعت 85) انطلقت المظاهرات في قرابة ألف مدينة في OWS( Street شعارات ضرورة كسر احتكار النخب وجماعات المصالح المنظمة النفوذ السياسي، وإعادة السلطة إلى الشعب.

فالدول السلطوية التي سادتها نظم الحزب الواحد أو سيطر عليها، Transition to democracyالعسكريون شهدت الانتقال إلى الديموقراطية، أما الدول الديموقراطية )1(Democratic transitionأو الانتقال الديموقراطي الراسخة فقد شهدت الدعوة إلى مراجعة الممارسات السياسية وأداء مؤسسات الحكم بهدف جعلها أكثر قربا إلى الإنسان العادي وأكثر تعبيرا عن مصالحه، وقد أدى هذان التطوران إلى انتعاش البحث في مفهوم الديموقراطية وما يرتبط بها من قيم وعلاقات وترتيبات مؤسسية. إن تعبير الثورة الديموقراطية العالمية ليس تعبيرا أدبيا، ولكنه وصف لعملية التحولات الهائلة التي شهدتها النظم السياسية في العالم في العقود الثلاثة الأخيرة؛ فلأول مرة تكون أغلب دول العالم ذات نظم تأخذ بالشكل الديموقراطي (بمعنى وجود تعدد أحزاب وانتخابات دورية…) مقارنة مثلا  دولة اتبعت هذا الشكل، أو 22ببداية القرن العشرين، إذ لم يكن هناك سوى  دولة في مطلع 36 دولة، ثم زاد إلى 12 عندما تقلص العدد إلى 1942في العام  دولة في نهاية الثمانينيات بعد التطورات الديموقراطية 60الستينيات، ثم إلى في إسبانيا والبرتغال واليونان وتركيا والبرازيل وبعض دول أمريكا الجنوبية

الانتقال إلى الديموقراطية والوسطى. ومع انهيار الاتحاد السوفييتي والتحولات الديموقراطية في دول شرق أوروبا ووسطها وعدد من الدول الأفريقية، أصبحت أغلبية دول العالم تأخذ بالنظام الديموقراطي – لأول مرة في التاريخ الحديث – إذ بلغ عددها .2013 دولة في العام 193 من أصل 119 وقد سمح مرور الوقت للباحثين بالتأمل في حقيقة ما حدث، والخروج من هالة الإعجاب والانبهار بالثورة الديموقراطية العالمية، ومدى تحقيق  الاجتماعية؛ ففي َ السياسية والعدالةِ النظم الديموقراطية الجديدة الحريات بعض الحالات أصبحت التعددية الحزبية تمثيلا للإثنيات والانتماءات الفرعية في المجتمع، وفي حالات أخرى سقطت المؤسسات الديموقراطية في يد نخبة حاكمة ضيقة امتلكت المال وأدوات النفوذ الاجتماعي والإعلامي، وأقامت نوعا من «السلطوية الجديدة» التي جمعت بين الشكل التعددي والمضمون التسلطي.

وترتب على ذلك ازدياد الاهتمام بالدراسة العلمية لعملية الانتقال إلى الديموقراطية، والعوامل المؤثرة فيها، ومآلاتها المختلفة. وتأسيسا على ما تقدم، ينبغي أن يتناول البحث المقارن في مجال الانتقال إلى الديموقراطية الأسئلة التالية: – ما الديموقراطية؟ وما الأصلان اللغوي والاصطلاحي لها، وإلى أي 1 مدى يمكن الاتفاق على تعريف نظري لها؟ وما القيم والإجراءات والترتيبات المؤسسية التي ترتبط بالنظام الديموقراطي؟ – ما السلطوية وسمات النظام السلطوي والأشكال المختلفة له، وتأثير 2 شكل النظام السلطوي في مسار الانتقال الديموقراطي؟ – ما ديناميات سقوط النظم السلطوية؟ وما طبيعة الأزمات التي 3 أت لسقوطه؟ وما طبيعة َّواجهت النظام، وأدت إلى إيجاد الظروف التي هي القوى السياسية والاجتماعية التي دعت إلى تغيير النظام وما أساليبها لتحقيق ذلك؟ وما شكل سقوط النظام السلطوي؟

المقدمة – كيف تعاملت النخب السياسية الجديدة التي وصلت إلى الحكم بعد 4 سقوط النظام السلطوي مع تحديات مرحلة الانتقال إلى الديموقراطية، وإقامة مؤسسات العهد الجديد؟ وما العوامل المؤثرة في ذلك؟ – ما المسار الذي أخذته المؤسسات الجديدة؟ وهل قادت تفاعلاتها إلى 5 تعزيز النظام الديموقراطي وتوطيد أركانه، أو إلى الارتداد السلطوي وإقامة نظم سلطوية جديدة؟ وما العوامل المؤثرة في ذلك؟ تعتمد الإجابة عن هذه الأسئلة على تجارب عشرات الدول في مجال الانتقال إلى الديموقراطية، والتي نجح بعضها وفشل بعضها الآخر. وفي غمار عيد تشكيل عناصر مفهوم الديموقراطية ُالسياقات المختلفة لهذه التجارب أ والنظام الديموقراطي، وتنوعت خبرات التطبيق في ضوء الظروف الاجتماعية الديموقراطي من واقع هذه الخبرات ُوالثقافية المختلفة، كما أثرى الفكر العملية.

وأرجو أن يكون هذا الكتاب إضافة مفيدة في موضوعه، وأن يجد فيه القارئ ما يساعده على فهم ظروف التطور السياسي في البلاد العربية، وتفسير .2010ما انتهت إليه الانتفاضات والتحركات الشعبية فيها منذ نهاية العام وعلى الله قصد السبيل.

الناشر: القاهرة، جوان 2018

تحميل الكتاب (pdf)

علي الدين هلال

علي الدين هلال

أمين لجنة الإعلام في الحزب الوطني الديمقراطي، وعضو هيئة مكتب أمانة الحزب منذ عام 2006، جمهورية مصر العربية.يشغل عضوية عدوة مجالس، وتشمل مجلس الأمناء في جامعة الأهرام الكندية، ومجلس الأمناء في جامعة الدلتا للعلوم والتكنولوجيا، ومجلس إدارة المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية عام 2006.كما شغل سابقاً عضوية عدة لجان ومجالس، وتضم لجنة العلوم السياسية في المجلس الأعلى للثقافة عام 2011، واللجنة الدائمة لترقية الأساتذة والأساتذة المساعدين في مجال العلوم السياسية في المجلس الأعلى للجامعات منذ 2009 وحتى 2011.عمل سابقاً رئيساً لـالجمعية العربية للعلوم السياسية عام 2004، ووزيراً للشباب منذ 1999 وحتى 2004، كما كان عميداً في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية منذ 1994 وحتى 1999، وأستاذاً في العلوم السياسية بكلية الاقتصاد في جامعة القاهرة، وأمين المجلس الأعلى للجامعات بين 1992 و1994، ومدير مركز البحوث والدراسات السياسية في جامعة القاهرة بين 1986 و1994.نال وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عن كتاب السياسة والحكم في مصر عام 1979، حيث أنه يمتلك عشرات الكتب والبحوث المنشورة باللغتين العربية والإنكليزية، وشارك في العديد من المؤتمرات العلمية والسياسية.حاصل على دكتوراه من جامعة ماكجيل في كندا عام 1973، وماجستير من الجامعة ذاتها عام 1968، وبكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 1964.

أظهر كل المقالات