fbpx

لماذا وقفت أوروبا والغرب، بل العالم كله ضد اعتراف روسيا/بوتين باستقلال دونيتسك ولوهانسك؟ ومن هؤلاء الشعوب وما هو تاريخهم؟

دونيتسك لوهانسك

قوزاق الدون
Cosaques du Don

القوزاق الدون هم مجموعة من السكان ذات الأغلبية السلافية، أصلهم من ولايتي دونيتسك ولوهانسك اللتان أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقلالهما عن أوكرانيا بتاريخ 22 فيفري 2022، وقد اشتهروا منذ القِدم بالسرقة والنهب والسطو وقطع الطرق، ولهم مع روسا تاريخ مشترك. وفيما يلي رسالة كتبها حاكم القَرِمْ (الخان محمد كيراي) إلى قيصر روسيا (Alexis MICHALOVIC Ier,)  بتاريخ 19 نوفمبر 1653، هذه ترجمتها:

“إلى آلكسي ميخالوفيتش قيصر روسيا، بعد التحية والاحترام – أما بعد، فنسأل عن صحتكم وخطابنا إليكم كما يلي:

نقطة في منشوراتكم ألفتت نظرنا من مدة، وهي أنكم منحتم نفسكم عنوانا كبيرا ولقبا عظيما، فأخذتم تكتبون بأنكم قيصر الشرق، والغرب والشمال، وتتلقبون به على حين أن بين الشرق والغرب حاكم مكة والمدينة المنوّرة الا وهو السلطان العظيم[1].

على أنه مع كونه سلطانا عظيما لم يكتب عن نفسه او يلقب ذاته كما تلقبون انتم نفسكم، وكما انه يوجد من سواه ملوك كثيرون لا يكتبون هم الآخرون كما تكتبون، ونحن أيضا نتحارب معكم ثم نصالحكم ومع ذلك لم نكتب شيئا مما تكتبونه ولم نعمل شيئا قط حتى مما يماثله.

وغير ذلك يعيش في دولتنا وفي إدارة السلطان، الذي هو حاكم مكة والمدينة، النصارى الكثيرون الذين يؤدي كل فرد منهم عبادته ووظيفته الدينية بكل حرية كما يأمره مذهبه  بحيث لا احد يعترضهم فيما هم عاملون، ولكنك أنت تسلخ بشرة المسلمين، إنك تضايقهم كثيرا، وتجبرهم على قبول دينك، واعتناقهم إياه، وفوق ذلك أحرقت القرآن المقدس، والمساجد والمدارس، ومزّقت المعاهدة المعقودة بختمها الذهبي، والتي أُبرمت بيننا، مع انك كنت تعهدت فيها أن تتولى أمر تأديب “قوزاق الدون”. فالقَسَم الذي أدّيته لم تسترع قدسيته نظرك، ولم تهتم به، فقلت أخيرا أنك عاجز عن ضبط أولئك الأشقياء من قطاع طرق الدون.

وعدا هذا لم يحدث في التاريخ أن قتلت دولة رُسُلا سياسيين ولكنك أمرت بقتل أحد رُسُلنا، ثم قُتل الثاني في الطريق؟! ومن من آبائك اقترف ما اقترفت يداك؟! آباؤك كانوا مقتنعين بموسكو فقط ولكنك أحدقت ببولونيا وولاياتها، ثم أرسلت جنودك ليغزوا أراضي القوقاز عدة مرات.

وسبق أن كاتبناك في هذا الشأن، إلا أنك لم تنتصح فأرسلت جيشا جرارا للاستلاء على الأراضي القوقازية كلها معتمدا على قوتك وتاركا بعض جنودك في قلعة كييف. كثير من القوزاق جاؤوا إلى رحابنا يطلبون نجدتنا، فسألنا راي علمائنا وشاورناهم فأفتوا لنا بأن موسكو حرقت حرمة المعاهدة.

وحيث أن كتابنا المقدس (القرآن) يأمرنا بإنقاذ المظلومين من يد الظالمين فقد توكلنا على الله، وامتطينا جوادنا، فدخلنا بفضل الله علينا  ومساعدته لنا في اراضيك.

نحن نستند إلى الرب الخالق الخالد، لا احد من السلاطين فيما نعرف مسلما كان او نصرانيا، اقترف ما اقترفته من الأخطاء الفاحشة، لن يُعدّ ما عملته من الاخطاء الدينية عملا منطقيا… فكل خطإ من هذه الأخطاء قد جلب عليك عارا، وعلى دولتك فضيحة، وعلى جيشك خسارة.

نحن لا نريد التعذيب، كما لا نرغب في أذيّة أحد، وإنما مكل امر كل من يريد تعذيب غيره إلى الله سبحانه وتعالى، إذ حامينا الأكبر هو الله جل جلاله.

وختاما نبعث هذه الرسالة مع رسولنا وهو المترجم عنا.

تحريرا في 28 ذي الحجة 1063 هجرية

[1] السلطان العثماني محمد الرابع (1648-1687)

المهدي بن حميدة

المهدي بن حميدة

العمر 55 سنة - متزوج وأب لثلاثة أطفال (بنتان وولد) - مقيم بسويسرا منذ 9 ماي 1992.
كاتب ومتابع للشأن السياسي والعربي والإسلامي - مدير شركة خاصة في الطباعة والتصميم والتوزيع.

أظهر كل المقالات