fbpx

ماكان ينبغي ان يُقال حول صراع رئيس البرلمان مع رئيس الدولة في تونس

  • المهدي بن حميدة الكاتب: المهدي بن حميدة
  • الأربعاء 24 ذو القعدة 1441 الموافق لـ 15 يوليو 2020
  • 0
  • 605 مشاهدة
راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي

بعيدا عن ملفات الفساد التي أثيرت مؤخرا ضد رئيس الحكومة من قبل متصيدين ومتربصين (يوسف الشاهد) ولم يأت هذا التصدي للفساد ضمن سياسة عادلة مع كل الفاسدين، ولم يكن يوما من الأيام استراتيجية دولة، بل طفح هذا الملف على سطح السياسة لأنه أثير من قبل صحفي (بوبكر بن عكاشة) وهو صديق ليوسف الشاهد، الذي أراد أن ينتصر لنفسه ويخلط أوراق اللعبة، فاستغلت النهضة هذه الموجة فركبتها وركب معها كثير من السابحين والمسبحين.

لنترك هذه الموجة تمر وسوف تمر بدون محاسبة، ولنذكر ما حدث وما كان ينبغي أن يُقال للشعب منذ اليوم الأول بدون مناورة ولا تعتيم…

منذ الجلسة البرلمانية ليوم 13 نوفمبر 2019 التي انتُخب فيها راشد الغنوشي رئيسا للبرلمان وما أحدثته هذه المفاجأة بالتقاء النهضة مع حزب قلب تونس في عملية التصويت، هذا الزلزال ألقى بظلاله على العلاقة بين الكتل التي تميزت بانعدام الثقة والبحث عن “الانتقام” من حركة النهضة وزعيمها على هذا التصويت…

سوف لن ندخل في مناقشة صحة ما أقدم عليه الغنوشي من عدمه لأن السياسة تقوم على المناورة وقد يكون الغنوشي أعلم بشركائه داخل البرلمان من غيره، فاستبقهم لما كانوا سيصلون إليه من نفس النتيجة وهي التحالف مع قلب تونس.

ولكن هذه المسألة أثرت على أجواء التحالف لتشكيل الحكومة، ففشل مرشح النهضة الحبيب الجملي على أن يشكل حكومته التي كان من المفترض أن تتكون مع الأحزاب الفائزة والمنتصرة لشعارات الثورة (التيار، الكرامة، الشعب)…

فجاء الخيار الثاني دستوريا (أن يكلف رئيس الدولة من يراه قادرا على تشكيل حكومة)، ولكنه القرار الخاطئ سياسيا، إذ أن رئيس الدولة سبق وأعلن خلال حملته الانتخابية وبعد أن استلم الرئاسة أعلن أنه ضد السياسة النيابية والحزبية، فـ”انتقم” من البرلمان في أول خطوة قام بها وهي تكليف شخصية من خارج الأغلبية الفائزة، عكس ما تقتضيه اللعبة والقاعدة الديمقراطية…

هذا “الانحراف” عن المسار الديمقراطي (الذي تسبب فيه رئيس الدولة)، هو الذي ألقى بظلاله على الحكومة المشكلة برئاسة الفخفاخ وأوصلنا إلى ما نحن فيه اليوم، ولم تقف المعركة إلى هذا الحد بل ازدادت اشتعالا بين رئيس البرلمان ورئيس الدولة برفض هذا الأخير قرار حركة النهضة بالبدإ في مشاورات من أجل تغيير المشهد الحكومي (ولم يقل قرار شورى النهضة بالبحث عن رئيس حكومة جديد) لأن حركة النهضة لم تقطع الشعرة وأرادت من خلال اختيار الألفاظ في قرارها أن تترك خيطا للمناورة والمشاورة، ولكن رئيس الدولة فضل ستعمال “لن” الزمخشرية وقطع بذلك كل وسائل التواصل والحوار…

واليوم اتخذت حركة النهضة قرارا بسحب الثقة من حكومة الفخفاخ وهي بذلك تضع رئيس الدولة في زاوية وتحمل البرلمان بكل كتله مسؤوليته في استرجاع زمام المبادرة وإمكانية إصلاح ما “أفسدته” النهضة من قبل، أو مضي حركة النهضة قدما في التحالف مع قلب تونس من أجل ضمان استقرار حكومي وسياسي يوصلها إلى انتهاء العهدة الانتخابية، وهو ما أرجح أن يحصل، مع بقاء بقية الكتل (التيار، الشعب) في المعارضة….

المهدي بن حميدة
في 15 جويلية 2020

المهدي بن حميدة

المهدي بن حميدة

العمر 55 سنة - متزوج وأب لثلاثة أطفال (بنتان وولد) - مقيم بسويسرا منذ 9 ماي 1992.
كاتب ومتابع للشأن السياسي والعربي والإسلامي - مدير شركة خاصة في الطباعة والتصميم والتوزيع.

أظهر كل المقالات