fbpx

تعليق حول بيان أساتذة جامعة الزيتونة وتقرير لجنة الحريات

بيان أساتذة جامعة الزيتونة حول تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة الذي سردوه يوم 28 جوان 2018 هو أسوأ من التقرير نفسه الذي صدر في الأول من جوان 2018… فالتقرير طرح جملة من القضايا (وبحسب نظري أخطأ في كثير منها) التي تلامس الواقع الذي نعيشه (الاتفاقيات الأممية والدولية) ولكن على الأقل كان لهذه اللجنة الجرأة على التطرق للقضايا الشائكة التي تعاني منها كل مجتمعات الكرة الأرضية وليس المجتمع التونسي فقط.
 
كان الأحرى بأساتذة جامعة الزيتونة أن يقدموا نظرتهم البديلة والتصحيحية الرصينة والمدللة بالقرآن والأدلة العلمية على هذا التقرير، ويقدموا حلولا لمجتمعات العالم وللإنسانية قاطبة للتصدي للتعصب والكراهية والإرهاب والظلم والفساد المالي والشذوذ وتغول اللوبيات الكبرى وهيمنة القوى المالية على حساب الضعفاء والفقراء ووقوف دول كبرى إلى جانب الظلم وقتل الأبرياء وغيرها من وجوه الحيف والفساد في هذا العالم، قال تعالى (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) 64 آل عمران…
 
أما الاكتفاء بقراءة بيان يدين ويغلق باب الاجتهاد ولا يرد على الناس بالحجة والبرهان، فهو يشكك في صلاحية هذه الشريعة لدى الشباب ويزعزع الانتماء الديني والثقافة الدينية الهشة للمجتمع التونسي الذي تقاذفته التجارب العلمانية يمينا ويسارا على مدى قرنين، وينمي فكر التعصب والازدراء بدل الفكر الحواري بين الأمم والحضارات (تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ)، وهؤلاء الأساتذة ربما يمثلون جامعة الزيتونة (الحديثة) ولكنهم لا يمثلون روح جامع الزيتونة ومدرسة جامع الزيتونة ومدرسة الإمام مالك وأبو حنيفة وغيرهم ممن اجتهدوا وأسسوا لمدارس الفقه والاجتهاد والذين عُرفوا بالجرأة في طرح القضايا، والاجتهاد فيما جد على الناس من قضايا خلافية أساسية (أممية وليس تونسية أو عربية فقط) تحدد مصير حياتهم وعلى رأس هذه القضايا قضية الحريات والحوكمة والديمقراطية وغيرها من القضايا المالية والنظريات الاقتصادية التي يتخبط فيها العالم…
 
وإن واصل أهل الزيتونة (وليس بالضرورة أساتذتها في تونس) وأهل الشريعة وأهل القرآن (في العالم الإسلامي) في هذا النهج من غمس رؤوسهم في الرمل، فسوف يمر هذا التقرير بغثه وسمينه (مثلما مرت مجلة الأحوال الشخصية بتحريفاتها زمن الطاهر حداد) وسوف يصير قانونا وتشريعا يفصّل حياة التونسيين والتونسيات ويتدخل في أدق تفاصيل حياتهم، ولن ينفعكم تنديدكم وانغلاقكم وراء أحكام واجتهادات صار على وضعها أكثر من 14 قرنا، من رجال (ونساء) اجتهدوا في عصرهم وأعملوا عقولهم في ظل نصوص محكمة وستظل محكمة رغم أنف لجنة الحريات وأنوف أساتذة الزيتونة.
 
وفي الختام أذكركم بقول الله تعالى: (فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) التوبة 122، فانذروا الناس وبينوا لهم الحقيقة فهو خير من تنديدكم ببيان مقتضب يزيد من تعميق الأزمة ولا يساهم في حلها.
 
المهدي بن حميدة
3 جويلية 2018
 

اطلع على نص البيان (فيديو)

المهدي بن حميدة

المهدي بن حميدة

العمر 55 سنة - متزوج وأب لثلاثة أطفال (بنتان وولد) - مقيم بسويسرا منذ 9 ماي 1992.
كاتب ومتابع للشأن السياسي والعربي والإسلامي - مدير شركة خاصة في الطباعة والتصميم والتوزيع.

أظهر كل المقالات