fbpx

ما معنى كلمة إخوانجية ومن أتي بها؟

  • المهدي بن حميدة الكاتب: المهدي بن حميدة
  • الجمعة 22 ربيع الأول 1432 الموافق لـ 25 فبراير 2011
  • 0
  • 2936 مشاهدة

بعد القضاء على الخلافة العثمانية (الإسلامية) سنة 1924، أصبحت البلاد الإسلامية في فراغ فكري وسياسي ووقعت تحت نير التجزئة والاحتلال الغربي، فبدأت الشعوب الإسلامية المغلوب على أمرها تتلمس طريق النجاة في كافة البلدان العربية، فتأسست في مدينة الإسماعيلية في مصر سنة 1928 جماعة أطلقت على نفسها “جماعة الإخوان المسلمين”، ومؤسس هذه الجماعة هو الأستاذ الشهيد حسن البنا رحمه الله.

واستمر حسن البنا يعمل بصمت، ولما أصبح لهذه الجماعة شوكة وقوة أعلن عنها ودعا جميع الناس للانضمام إليها، وشعر الإنجليز (الذين يحتلون مصر) بخطر هذا الرجل وأنه يعمل في وسط العمال ويتحدث إلى الناس في المقاهي والحانات ويدعوهم ويذكرهم بفرائض الإسلام وعلى رأسها فريضة الصلاة، ويوعيهم بالانحطاط الذي صارت إليه أمة الإسلام والدرجة من الغفلة والجهل التي آلت إليها أوضاع المسلمين

ولما حدثت الحرب على فلسطين سنة 1948 ونفذت بريطانيا وعدها المشؤوم بتقسيم فلسطين وقيام “دولة إسرائيل”، تطوع الإخوان المسلمون للقتال وتحرير فلسطين، فأثاروا اهتمام العالم بما فعلوا من بطولات رائعة في ميدان القتال، فخشيهم الأعداء وحركوا عملاءهم في الداخل ضد هذه الجماعة، وفي سنة 1948 أصدرت الحكومة المصرية (حكومة محمود فهمي النقراشي) أمرا عسكريا بحل جماعة الإخوان المسلمين وإغلاق مقراتهم وتصفية شركاتهم الاقتصادية.

حاول الأستاذ حسن البنا -رحمه الله- أكثر من مرة أن يثني النقراشي عما يفعله بهذه الجماعة وأفرادها فلم ينجح وزاد الرجل شراسة وفتكا، فواصل الإخوان المسلمون مشاركتهم الفعالة في الجهاد على أرض فلسطين، هذه المشاركة التي كانت من أبرز الأسباب التي حملت الحكام على محاربتهم ومطاردة دعوتهم.

وفي نفس السنة اغتيل محمود فهمي النقراشي واتُّهم الإخوان المسلمون بقتله فزادت الحملة عليهم، وبعد تولي رئاسة الوزارة المصرية إبراهيم عبد الهادي، الذي كان أداة طيعة هو والملك فاروق (ملك مصر) في يد الإنجليز، فنفذوا امر أسيادهم الإنجليز والفرنسيين والأمريكان وأقدموا على جريمة نكراء هي اغتيال مصلح القرن العشرين الأستاذ حسن البنا في أضخم شوارع القاهرة وكان ذلك 12 فيفري 1949.

لم تنته هذه الجماعة بقتل مؤسسها ومرشدها العام حسن البنا وإنما تولى الراية من بعده الأستاذ حسن الهضيبي وفي عهده حكم بالإعدام على سيد قطب (صاحب تفسير في ظلال القرآن) بعد أن شن جمال عبد الناصر (رئيس مصر) الحرب على الجماعة، وكان جمال عبد الناصر من الضباط الأحرار الذين أقاموا الثورة ضد الملك فاروق ومسكوا السلطة في سنة 1952. وبقيت الجماعة تعمل بشكل متواصل بين المحن والسجون والإعدامات والمداهمات والاعتقالات إلى يوم 11 فيفري 2011 يوم سقوط الطاغية المصري محمد حسني مبارك.

وعند محاكمة المفكر الشهيد سيد قطب الذي نفذ فيه حكم الإعدام شنقا سنة 1966، حاول الرئيس التونسي أنذلك الحبيب بورقيبة التدخل لدى الرئيس المصري جمال عبد الناصر في مكالمة هاتفية لتجنب الحكم على سيد قطب بالإعدام “لكي لا يبقى شهيدا” وأثناء هذه المداولات بين عبد الناصر والحبيب بورقيبة، استعمل هذا الأخير (الحبيب بورقيبة) مصطلح “الإخوانجية” نسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين.

بقيت هذه التسمية تستعمل من طرف بورقيبة ليصف بها كل خصومه من الحركات الإسلامية، وأطلقها على أفراد حركة الاتجاه الإسلامي بتونس أواخر السبعينات وبداية الثمانينات فكان النظام والصحافة المأجورة والشعب الدستورية يطلقون على الإسلاميين كلمة “إخوانجية” إلى أن تداولها عموم الناس وأصبحت كلمة تطلق ويراد بها الإسلاميين أبناء حركة الاتجاه الإسلامي (التي أصبحت حركة النهضة فيما بعد)، ولكنها في الحقيقة دخيلة على التونسيين جاء بها بورقيبة (نسبة إلى إخوان مصر) ليصفي بها خصومه السياسيين، كما حاول تصفية خصمه السياسي من قبل الشيخ عبد العزيز الثعالبي.

وفي عهد زين العابدين بن علي (الذي حكم البلاد 23 سنة وأطاحت به ثورة شعبية يوم 14 جانفي 2011) لم تستعمل هذه الكلمة كثيرا لأنه بمجرد النطق بها سواء كنت إسلاميا أم لا تصبح محل شبهة وتتبع، لذلك بقيت هذه التسمية في القلوب ولم تصل إلى الشفاه فكان ذلك عاملا من عوامل اندثارها بين التونسيين، واليوم وبعد رحيل الطاغية زين العابدين بن علي وزبانيته التجمعيين، لم يعد لهذه التسمية مكان في قاموس التونسيين والتونسيات (عدى بعض اليساريين الناقمين على المصالحة الوطنية) وأصبحنا منذ ثورة 17 ديسمبر 2010 كلنا تونسيون بمختلف تياراتنا وتوجهاتنا الفكرية والسياسية، وإذا سمعتم من يطلق هذه الكلمة ليصف بها تونسيا أو تونسية فهو عدو للشعب ولمبادئ الثورة ولا يريد لتونس الوحدة والاستقرار.

المهدي بن حميدة
في 25 فيفري 2011

المهدي بن حميدة

المهدي بن حميدة

العمر 55 سنة - متزوج وأب لثلاثة أطفال (بنتان وولد) - مقيم بسويسرا منذ 9 ماي 1992.
كاتب ومتابع للشأن السياسي والعربي والإسلامي - مدير شركة خاصة في الطباعة والتصميم والتوزيع.

أظهر كل المقالات